ثلاثية موسيقية كتبتها في الحب على غير ميعادٍ أو لقاء، فتلاقت في الإيقاع والحنينِ والوجعِ أحياناً:
ظِلُ ندى
رقيقةٌ هي كظلِ ندىً،
وثغرها البسام بالحبِّ شرهٌ.
عيناي أنا للحب ناعسةٌ،
وكلي اتقادٌ وحبٌّ لا يخبو.
أسألُ:
كيفَ التناقضُ فيكِ يا ولهي؟
كيفَ التعب والثغرُ بسام؟
كيفَ اتقادي وعيناي ذابلةٌ؟
وكيفَ لي ألا أراكِ بعدُ، والسماء ذاتها لنا احتواءُ؟
عديني يا اتقادةَ القلب،
عديني وأَغلظي الوعد واشددي،
بأن أشواقكِ لأشواقي تلهجُ،
وأن اللقاءَ هو المتممُ المكملُ،
والعينُ مهما همهمت وانطفأ نورها،
ستضيءُ حتماً بالعناق والأبدِ.
واعلم
يا ساكن الروحِ، لا بل يا من أنتَ جوهرها
أنَّ جوهر الشيء إن غابَ، فالسلامُ على المعاني بعد ذا والنقائض.
دفءُ الصدى
تَعِبَ التعب، بلا تنهيدٍ، تَعِبَ المكان من الكلامِ، تَعِبَ الانتظار، اخضوضرَ الحرفُ، وانقتل! استراحَ الشغفُ على كتفِ الشفاهِ، أطلَّ القولُ، وبالحياءِ اكتسى، والأحداقُ تنتظرُ بوحاً، وخفقاً بالحب ارتوى، تَعِبَ التعب بالصمتِ الثقيل، غارَ المكانُ في خفقةِ البصر، حنَّ الفراغُ، رأفةً بالحب الشفيفِ
رأفةً... بالنعناعِ.
**** النعناعُ على حافةِ اللحظةِ هدأ، استرقَ الكلام من فم العاشِقَيْنِ، استرقَ ضوءَ القمر. تَعِبت مسامعُنا، من صَخبِ الصمتِ، من وجعِ الأفولِ خلفَ الشجن، تَعِبَ التَعَبُ، بلا دليلٍ، تَعِبَ الحضورُ من غيابِ الكلام، تَعِبَ الضوءُ من حضن القمر،
**** والعاشِقَانِ، يحضنانِ الوقتَ بشوقِ الحبِ، يعانقانِ البوحَ خوفاً من القدر. تَعِبتْ طاولةُ الحوارِ، فالفراغُ في ركنها سَكن.
**** في رِعدةِ الانحسارِ! تتخطى هُدهدةُ الأرواحِ قاعها، يعلو الصمت، يحدقُ في العدم، صوتُ العناقِ يفرُّ من حنجرةِ النغم، يكسِرُ هدأةَ الكلام، ويصرخُ: أحبكِ، على الرغم مِن ومن ومن... هنا! ينحني الضوءُ، تتكسرُ النسمة، تخجلُ النعناعةُ، لدفء الصدى، لعمقِ البوحِ في رحمِ الغرق. نقطةٌ، بعدَها يُشنقُ السلامُ، تتعبُ القصيدةُ وتصمتُ من شدةِ الوجع.
تفاحةُ آدم
أنتِ الخطيئةُ الأولى، أنتِ ذنبُ الميت، وغفوته التي لن يعودَ عنها أنتِ رعشةُ الطفلِ إن أخطأ، وسُكرُ الحياةِ الذي لن يفنى، أنتِ دمعُ اللهفة الأولى، وقبلةُ التيهِ في ثغر العدم. ** أخطيئتي، يا كل الندم هو كما كلِ مرةٍ موعدنا، على شرفةِ من شجن، والهلالُ لقداسةِ اللقاء اكتمل، أنا فيكِ التناقَضُ حينًا، وفيكِ المعاني. ** أيا تفاحةَ آدمَ، وتوبتَهُ،
أتدركين؟ أن العينَ خطيئةُ الكلامِ وبوحُهِ، وأنا أخطأتُ حينَ لعينيكِ نظرتُ، مجازاً -هنا- لا أرى خطأً، سوى أني فسرتُ دفءَ العينَ بالقبلِ، والليلُ أعانني على نفسي، فأغويتها، وأبديتُ تجاهلاً عند شطرِ القصيد فشهقتُ عجزهُ، الخطأ يا خطيئتي، زينةُ المؤمنِ إن تابَ، وأنا ما نويتُ الحبَ، وما شهقتُ توبتي.