في داخلي كلماتٌ يعجز القلم عن كتابتها، وهذا العجز يؤرقني، جالسٌ حيث أنا في هذا العالم، وبعد منتصف الليل أنتظر بعث كلماتٍ قد دُفِنت في أعماقي... أنتظر... موقناً بعثها وولادتها، دخلتُ التيه، ألفتُهُ سابقاً، وعدتُ إليه، ولا أريد الخروج منه، خروجي يعني موتي.... متاهاتٌ تتوالى، طريقٌ وعر، أسير وحدي، ظلماتٌ أخوضُ غمارها، أمخر بسفيني لجّها وأهوالها، تهدأ حيناً وتضطربُ أحياناً، أقف جاهداً متماسكاً محاولاً عدم الانحناء، تخور قواي، وتضعف قامتي إزاء ريحٍ عاصفة، وأترقَّبُ لحظة الإظلام الأخير، لحظة السكون والإرساء على ميناء طمأنينة طال انتظاره.....
كل الصباحات جميلة، وكل غائب حاضر، ماذا لو سارت كل الأمور كما نريد؟ ماذا لو أن النصيب محضُ تخدير؟ ماذا لو كان الحب هو شريعة العالمين جميعاً، والموسيقى لحنٌ مقدّس، والشيطان ما هو إلا وجهنا الآخر، نخفيه جاهدين، ونرتدي وجوهاً ملائكية. ماذا لو لم نحتفل بالموت والبكائيات؟ لو لم تُزف عروس إلا إلى حبيبها؟
لو أصبح الحب مهراً... لو لم يكن هناك سيد وعبد، ظالم ومظلوم، كلنا سواسية كأسنان المشط، خيرنا هو الإنسان... ينتمي للإنسان... لا يحسب نفسه أفضل وأحق من غيره بكل شيء... ماذا لو وقفنا أمام مرآة صافية، وشاهدنا حقيقة داخلنا، وسمعنا صوت أعماقنا، ولمسنا الكلمات التي قيلت وتُقال؟ ماذا لو زالت وتبددت الغشاوة عن عيوننا؟ حتماً سنرى الحقيقة جلية واضحة وضوح الشمس في يومٍ صحو..