حسناً لن أبتعد كثيراً عن فحوى المواضيع التي أكتبها، وسأعاود الكتابة عن الحب، الحبُ الذي نبتاعهُ أكثر من الخبر في عوالمنا الافتراضية وواقعنا المنسي، الحبُّ الذي يوجد بالشكل الذي لا يجب أن يكون عليه، الحبُّ الذي وإن وجدَ أصيلًا علينا أن نغرقهُ لنعيدَ تواتره لنحيا في إنسانيةٍ وجمال دفّاق.
أحاول أن أكتبَ عن اللحظة التي تسبق هذا الحبَّ، وتحديد صيغِ المعادلات التي ستقود إلى تفجره بالصورة المتوازنة لضرورة وجوده، أحاول أن أخلق صيغاً لأمر لا يفضل أن يأتي وفقاً لمعادلات أو تراكيب معينة، لكن ضرورة الصورة المشوهة دفعتني لأن أكتب:
تخلقُ النظرةُ الأولى انطباعاً صورياً دفاقاً في عمق العقل البشري، لتتشابكَ وتتسع وتهدأ في خيالات البشرِ المتقدةِ والمحرّكةِ للشعور الأول في صلبِ الإحساس الإنساني، ليكونَ للنظرة أثرٌ ليس هيناً في خلق الأرض والمساحة الممكنةِ للحب، وبصورة أعمق فإننا نحتاجُ لدافعية كبيرة ليولدَ الإحساس فينا، هنا بالمشهد التقليدي أتحدث عن النظرة، ولكن في عوالمنا المتقلبة قد يدفع الحرفُ كما يدفع الصوتُ كما يدفع الإنجازُ الشعورَ للولادة بالقدرة نفسها لخلق المساحة الممكنة لاستمرار دورة الحب وخلقه، وهكذا ينبتُ الشعورُ في دواخلنا ككيمياءَ بدأت تتسللُ في حنايا أوردتنا لننتقل إلى مرحلة أخرى، إما تفشي هذا الشعور وسيطرته، أوموتهِ بصورة لذيذةٍ لا تؤذي، فردود الأفعال هنا هي الضابط لهذه المرحلة فبينَ فعلٍ وردةِ فعل تبدأ هذه الكيمياء بالنضوجِ بالنمو والإثمار، وهنا تغزو صفةُ الرغبةِ وتبدو على هيئة تعقبٍ لا إرادي من القلب والجوارحِ لكل صاحب أثر تسبب بولادة الشعور، وتدريجياً وإن بدا التعقب من الطرف المقابل أيضاً سيعلو التنهيد في هذا التعقب ليصبح اهتماماً ذا جهتين، ليسقي غراسَ الشعور الأول وينميه، وهنا أحرجُ المراحلِ وأكثرها دفئاً فهي المقود إلى اشتعال الفتيل في الحب واتّقادِ نوره.
إنّ انتقاص أي جزء من قيمته في كل المراحل سيكون سبباً في الخلل القادم في صيغ الحب، ولتكون قدرة الحب كبيرة على الاستمرار يعود الاهتمام في صيغٍ مختلفة ليغلف سلسلةَ الحبِّ ويروي غراسها.
هذا في صورة الحب الإنساني، والمتناقل بينَ روحيةِ الإنسانِ وبني جنسه، في صورة الحب الأصل تختلفُ كلُّ التراكيب والمعادلات، لأن علّة الصلةِ بينَ الإنسان وربهِ هي الحبُّ ذاتهُ، لا سبب ولا مسبب آخرَ لفحوى هذه العلاقة، وبابُ الحب الإلهي مفتوحٌ لا يُغلق، لا يحتاجِ لردةِ فعلٍ أو فعل بذاته، فهو أصيلٌ بعمر الخلق الإنساني ووجوده، فإذا أذنب العبدُ رأى باب الحب والرحمةٍ ينتظره، وإذا أحسن يغمرهُ الحبُّ أيضاً، والصورة التي أودُ أن أرسخها هي نسف كل المعادلات والتراكيب وإعادة حلول صورة الحب الإلهي وسمته الحقّة في حبنا، بينَ أرواحنا نحن البشر، ليعودَ الفرع إلى الأصل بكيمياءَ إلهية مباركة.