أقلّب كفّي باحثةً عمّا أفتقد وارتسم في الفراغ ابتسامة لا محلّ لها في وجهي التعِب ، أراقب النجوم بصمت لعلّ إحداهنّ ترشدني بما لم أُحِط به خبرا وتؤول محاولتي هذه بأن أقِف متسائلة : إلى أيّ عددٍ وصلتُ في عدّ النجوم؟ أمشي مرتاحة البال في قلبِك ، فلا أنت تدري عنّي ولا أنا حتّى
أشعر بالملل أثناء ذلك إلّا أنّ عيناك تحيي في نفسي الدهشة. أغادرك بحيرةٍ تامّة دون يقين، وأقف على نسمة هواء لا تُرى وأدور في المدينة، متربّصةً لشيءٍ يشبهني فأجد عجوزين يقهقهان بصوتٍ خافت على كرسيّين مهترئين ربمّا يحدّث أحدهما الآخر عن حبّه القديم أو أنهما يتشاكيان من حال البلد وما حلّ بها، أو قد يكونا أحسّا بالنسمة التي أقفُ عليها فأخفضا صوتهما كي لا يفسد أحدٌ حوارهما، أخذتني النسمة إلى أعلى مكانٍ في المدينة رأيتُ جدّي نائماً بسلام، وإحداهنّ تركض حاملةً في قلبها طفلاً رضيعاً وأخرى تجلس على رصيف البيت تلاحق بنظراتها المارّة، رأيتُ مسكيناً يلعب بحجارةٍ صغيرة وآخر يلقي بها بدمعةٍ وقوّة على ما لستُ أدري، و رأيتك أنت تتبع قلبي على مهلٍ ولم تكن تدري بأنّي تركتُِ لك فراغاً في عمري لتشغِله على عجالة. عصفت النسمة فسقطتُ أنا وتزامن سقوطي مع ورقةٍ يانعة الخضار، كان سقوطي أشبه بدمعتي التي تسيل على ورقة كنتُ أخُطّ عليها إحدى رسائلي الحزينة .