top of page

الصّداع - د. أسيل صبيح

 

الصُّداع من أكثرِ الأعراض شيوعاً بين الأفراد من جميعِ الفئات العمرية، حيثُ لا يكادُ يوجد شخص لَمْ يشتكِ من أعراضِ الصداع و آلامِ الرأس في مرحلةٍ معينة.

والجديرُ بالذكرِ في هذا الموضوع ، أنَّ هذه الآلام هي عارضٌ لمشكلةٍ ما و ليست هي المشكلة بِحَدِّ ذاتِها. حيثُ يُمكنُ اعتبارُ الصداعِ إشارةً تحذيريةً للبحثِ عن العاملِ الرئيسيِّ المسببِ لَهُ .

من الممكنِ تقسيمُ الصداعِ بشكلٍ عام إلى عدةِ أنواعٍ و هِيَ : الصداعُ العابرُ , الصُّداعُ المزمنُ و الصُّداعُ الجراحيُّ. ( هذا التقسيمُ ليسَ علمياً بحتاً و إنما لتبسيطِ الموضوعِ قَيْدَ الطَّرحِ )

الصُّدَاعُ العَابِرُ وهو الصُّدَاعُ المُرافقُ لِلإِجهادِ الشديد، السَّهر، التَّدخين، اِرتفاع / هُبوطُ ضَغْطِ الدَّمِ لَدَى مرضى اِرتفاع الضَّغط المُزْمِن، الشُّرْبُ المُفَرِّطُ لِلقَهوةِ وَالمُحَفِّزَات بشكلٍ عَامٍّ ، آلَامُ الأسنان ، القلق مِنْ حَدَثٍ ما من امتحانات أو ظرف عَائِلي طارىء، إلخ، وَاللَّائِحةُ تَطول . يَتميز الصُّداعُ العَابِرُ أو البسيط بأنَّ الألمَ يَتَمحورُ بالدرجةِ الأُولَى فِي المنطقةِ الأماميةِ من الرأس ، ولا يُرافقهُ أيُّ أعراض مُريبة (سيتمُّ ذِكْرُ هذه الأعراض فِي الجزءِ المتعلق بالصداعِ الجراحي ).

من المُمكن إيجاد نَمط مُعيّن من الأحداثِ المُسببةِ لمثلِ هذا النوع من الصُّدَاع، حيثُ أنها بِالمُجْمَلِ أحداث عارِضة بسيطة ، ويزولُ الصُّدَاعُ بِمُجَرَّدِ زَوالِ هذه العوامل .

النّوع الثَّاني من الصُّدَاعِ وهو الصُّدَاعُ المُزمن ، لَهُ أشكال وأنواع عديدة ، نذكر منها على سبيلِ المثال لا الحَصْر : الصُّدَاعُ النِّصْفِيُّ (Migraine)، الصُّدَاعُ العُنْقُودِي (Cluster Headache)، الصُّدَاعُ التوتري (Tension Headache)، إلخ.

مُميزاتُ هذه العائلة من آلَامِ الرَّأسِ أنَّ المريض يُصبحُ لديهِ معرفة بالعلاماتِ الأوليةِ التي تَسبِقُ نَوْبَةَ الصُّدَاعِ من الطَّنِينِ فِي الأذنيين أو الضبابية فِي الرؤيةِ أو الشعورِ بالغثيانِ ، كما تتطور لدى المريض معرفةٌ بِمدةِ بقاءِ نوبةِ الصُّدَاعِ وما هي الأدوية / الإجراءات الإحترازية الواجب أخذَها. لا يوجد سببٌ واضحٌ للسببِ الأصليِّ لِحصولِ الصُّدَاعِ في هذه العائلة ، وهناك بعضُ الدراسات التي تُشيرُ إلى وجودِ عاملٍ وراثي لها. لا يوجدُ حل نهائي للصُّداعِ في مثل هذه الحالات ويكونُ العلاجَ بالمُجملِ وِقَائِيٌّ / تَلْطِيفِي .

يجبُ على المريض الالتزامُ بالمُراجعةِ الدوريةِ عندَ طبيبِ أمراض الدِّماغ والأعصاب لِتجنُبِ تَفَاقُمِ الحَالَةِ المَرَضية على المدى البعيد .

النَّوعُ الأخيرُ و هو الصُّداعُ الجِراحي، و هو أكثرُ نوعٍ أُصادفهُ أثناءِ عملي في قسمِ جراحةِ الدِّماغِ و الأعصابِ، وهو الأكثرُ خطورة والأكثرُ جدية، حيثُ يكون السببُ بالعادةِ ناتجٌ عن وجودِ ورمٍ دماغي، نزيف مفاجىء، أو خللٌ وراثي في تكوينِ الأوعيةِ الدموية. خَصَائِصُ الصُّدَاعِ في هذه العائلة أنهُ يبدأُ مُنذُ الصباح الباكر (في حالاتٍ مُعينة مثل النزيف المفاجىء قد يُوقِظُ المريض من النوم)، ويُرافقهُ غثيانٌ وتقيؤ بسببِ ارتفاع ضغط الدماغ. قد يُرافقُهُ أيضاً اِنْحِسَار فِي السَّاحَةِ البَصَرِيَّةِ لِلمَرِيض ، ضُعف / فِقدانُ السَّمع في إحدى أو كِلا الأذنيين، ضعف في أحد الأطراف، نوباتٌ تَشَنُّجِيَّة ، دَوخة ، عدم توازن، تغيُّراتُ في التصرفاتِ مثل العصبيَّة الشديدة / التصرفُ بشكلٍ غَيرِ لائق في المناسباتِ الإجتماعية المختلفة، وهُبوط في مستوى الوَعي أو النُّعاس الشديد.

في مثل هذه الحالات يَجِبُ التَّوجُه إلى عِياداتٍ لجراحةِ الدِّماغ والأعصاب / الطوارىء حسب شِدةِ الأعراض، وتصويرُ المريضُ بِالمِرْنَانِ المَغْنَاطِيسِيِّ.

يَجدر بالذِّكرِ وجود أسباب أُخرى لِلصُّدَاعِ والتي لا تَندرجُ تحتَ أي من التَّصنيفات السابقة والتي يَجِبُ التَّعامل معها بِشكلٍ سريع مثل التهاب السَّحايا، التهابُ الشَّريان الصدغيِّ في كِبار السِّن ، أو ارتفاع ضغط العَين المفاجىء..

في جميعِ الأحوال ، يَجِبُ مُراجعة الطبيب المُعالجِ للسُّؤالِ عن أي عارِض طِبِّي مَشبوه ، وعدم اللجوء إلى الأدوية / النَّصائح الطبية من غيرِ المُختصِّين، لِتجنُّبِ التعقيدات النَّاجمة عن تأخُّرِ تَشخيص الحالة وتأخُّرُ البَدء بالعلاجِ المُناسبِ.

٦١ مشاهدة٠ تعليق
bottom of page