لم يعد الأمر مقتصرًا على غرب دون عرب، لقد أصبح أبناء الإسلام يتقمصون دعوات للحرية المعتمة التي تندد بخلع الحجاب للمرأة ويكأن قطعة القماش التي تتميز بها الفتاة المسلمة سببًا للأزمات والتخلف في بلادنا، وكثيرًا ما نسمع عن فرض غرامة على المحجبة ونبذها، فخلف أي حرية يتقمص من يدعيها وهو يجبر غيره على ما لا يحب.. لقد أصبح شباب الأمة وفتياتها يتلصصون الكلمات الموبوءة التي تندد بأن الحجاب ليس مقياسًا على الدين والاتزان والالتزام، سأوافقكم قليلًا. تخيّل تلك الوظيفة المرموقة التي تسعى لها دومًا وتدعو الله أن يرزقك إياها، تخيل أنك نلتها، ولكن شرطهم بلباس محدد، هل ستعترض؟ لا أظن ذلك فأنت تملك خيارين لا ثالث لهما: إما أن توافق وترنو لما تتمنى، أو أن ترفض وتخسر الوظيفة ولا أظن أنها من خياراتك. ومن حيث الكفاءة ارجع بذاكرتك للصفوف الدراسية من الأكفأ عند المدير هل من يرتدي الزِّي الرسمي أم ذاك الذي يقف جانبًا كل يوم. لقد توارى احترام المسلم لذاته قبل احترام غيره له، فمن كان الذي ينادي بحمق لنزع الحجاب إلا كالطبل الفارغ الذي ينعق صوتًا بلا مخزون فكري أو لغوي، فما تكالب الغرباء إلا بعدما اشتد ساعدهم من الأقرباء. الدليل واضح وصارم: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا". لقد خَص الله نساء النبي صلى عليه وسلم وبناته مع حرف العطف الواو للجمع بينهن لعلو منزلة المؤمنات عند الله. لكل منا رسالة يستند إليها عند الحديث، وهي الدليل القاطع الذي يثني الإنسان عن زلله فكن حنكًا. الفتن كثيرة ومثيرة والمؤمن كيّس فطن لا يقبل إلا بما يرضي ربه ثم نفسه. لا يقتصر دور المربي والداعية بالدعوة للدين والحرص عليه بل عليه إطعام الدين وتلقيمه للإنسان من مهد الطفولة كإطعام المسكين بل أشد. والأم والمربية والأب دورهم كبير، فالحبال إن تركت بلا شدّ تتفلت وإن شدت بكثرة تآكلت، فنحن بحاجة لشد دون شدة. لم تكن الفتاة قطعة حلوى مغلفة وأخرى مكشوفة والفطن يختار المغلّفة!! دعك من الأمثال المحفوظة لا المفهومة واغرسوا فيهن حب قطعة القماش تلك كحبهم لذواتهن، وأن الله يخص بها من يشاء، وأبرزوا لهن أعلامًا لمعن في السماء بحجاب دونما منازع، اذكروا لهن قصص أمهات المؤمنين والصحابيات، اغرسوا فيهن حب الدين والقيم، أرضعوهن كؤوس الحرية بحرية أبرزوا لهن فتيات من عصرهن تألقن ولم يكن الحجاب عائقًا في طريقهن حدثوهم عما يواجهنه من مشكلات لكنهن صبرن لإيصال رسالة بقوة. اغزلوا لهن حب الدين، أعدوا لهن حفلات وادعوا أصدقاءهن عند ارتدائهن الحجاب أو التزامهن الصلاة، أعدوا لهن سيرلاك العزة وزجاجة القوة.
تدقيق واثراء : نائل المصري .
Comments